رواية خارج نطاق الخدمة .. عودة للأدب السيريالي من وحي المكان - عمرو حسين

غالبا عندي خطط للقراية كل شهر بس ساعات بحب اخد غرز غير متوقعة كدة مابين الخطط دي ، عشان اشوف العاب القدر معايا ودي كانت ترشيح أبجد في يوم أنا مليش مزاج لتكملة قراية الكتب المفتوحة اللي عليه .. عجبتني حبكتها اللي بتتكلم عن مغامرة وسط الريف ، واول مافتحتها عرفت اني هكملها فورا للآخر وانها مش هتخيب ظني للأسباب التالية ...

* أنا بحب الروايات اللي فيها ألعاب للسرد، والرواية دي بتلعب بطريقة السرد المتوازي .. اللي هو بحكي علي قضبانين للحكاية .. واحدة للماضي وواحدة للحاضر ، وبينهم تشبيكات مميزة .

* بناء الشخصيات مميز جدا مابين الماضي والحاضر ومرتبط بالحبكة الأصلية الخاصة بالبناء النفسي ببراعة شديدة. 

* الوصف في الرواية بسيط بذوق رجل سطحي وليس ذوق ادبي متضخم نستشعر فيه أنفاس الكاتب ، فهي سرد ذاتي متماشي مع وعي الشخصية، وقد أحببت وصفه للترعة والساقية ، وسراية وهدان ، والوحدة الصحية ، المقهي ، والبقال. 

* تمت كتابة أدب الأرياف كثيرا ولكنها المرة الأولى التي احب فيها مايقولون عنه في البلاغة من توظيف أدوات البيئة داخل النص مثل جسر النخل الذي يمرون عليه للوصول لقرية دشرت وهو اهم رابط بنيت عليه أكثر من حبكة .. طمع الرأسماليين واكتشاف العالم وضياع الهاتف والخلط بين الحقيقة والخيال الذي يثبته وينفيه الجسر ، اللقاء في ظل الساقية وكنت أتمني توتة بجوارهم كلوحة كلاسيكية شهيرة للقاء العشاق في الريف ، وتلك النجوم التي تضىء القرية ذات البراح المغري بالتأمل عن عاصمة تخفيها ناطحات السحاب والمجمعات السكنية الخرساء. 

* توظيف العلاقات مابين الصداقة الحقيقية وصداقة المصلحه، والحب الحقيقي وحب المصلحة ، الارتباط النفسي بالاب والام حتي بعد غيابهما ومحاولة تعويض ذلك .. الخ لعبة العلاقات المعقدة المبنية علي بناء جيد للشخصيات بطريقة نظرية المرآه .. الشخصية ومايشبهها بين عالم الخيال والواقع .

* التوظيف المزدوج طوال الوقت يصنع لنا حبكات مزدوجة مثل لعبة الصديق الطبيب الفاشل الذي نشك في كفاءة علاجه ، الي طبيب حقيقي يشرح لنا حقيقة مايعانيه البطل ، العقد الذي مضي عليه امام الجامع بصفته الرجل المتعلم الوحيد ولعبة خطبه التي تشبه البرواز الذي تم حبس القرية في الخروج عن دائرة المألوف ، وطبعا أمية القرية التي لم تعرف أبدا كيف تقرأ العقد حتي بعمدتها .

* النهاية هي ماتليق حقا بحبكة نفسية وسرد ذاتي لانعرف فيه الحقيقة من السراب ، ورغم اني لا احبذ النهايات المفتوحة التي يضرب فيها القارىء اخماسا في اسداس ولكن لو كان هناك عدة احتمالات للنهاية ، فالكاتب حقا اختار أفضل النهايات تماشيا مع الأحداث. 

* مثل هذه الروايات تعصف بعقل كاتبها في كواليس مرهقة ، للربط بين حبكاتها وتضفيرها ببراعة وبناء الشخصيات وتوزيعهم علي عالمين حتي الوصول للحظة النهاية ، لذلك أحببت فكرة تصور كواليس كتابتها بشدة واحببت أن ارفع الشابوه لكاتبها عبر تحليل أكبر ، ولكني حقا استمتعت بتخيل الكواليس أكثر من فكرة الرواية نفسها وتمنيت لو خضت هذا التحدي المميز لأي كاتب محترف يستطيع أن يبرز أدواته علي الطربيزة وقد استعملها كلها .

تقييمي للرواية ٤/٥