كتاب صناعة الجوع "خرافة الندرة" - فرانسيس مور لابيه

كتاب صناعة الجوع "خرافة الندرة" كتبه باحثون في الأمم المتحدة ملئ بالمعلومات الحقيقية الخطيرة يتهم أمريكا وأوروبا بمنع دول العالم الثالث من أن تصنع غذائها، حاول الرئيس الأمريكي السابق ريغان أن يسحب الكتاب من المطبعة ولكن تم تهريبه وطباعته ثم تُرجِم إلى العربية
إن الكتاب يتعلق بأكثر الموضوعات مساسا بحياة الإنسان : موضوع الغذاء و الحصول علي الخبز و بقدر ما يؤمن القارئ الواعي بأنه ( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) فإنه يؤمن أيضا بأنه ( بغير الخبز لا يحيا الإنسان) و بأن من يتحكم في خبزه قادر علي التحكم في فكره و تعطيل عقله و إلغاء قدرته علي ممارسة كل ما هو رفيع قدراته . وفي عالمنا هذا أصبحت أقوي مظاهر الاستقطاب بين من يملكون و من لا يملكون , بين الشعوب التي عاشت علي الإفراط و الشعوب التي يتعرض أطفالها للمجاعة .
- لماذا «صناعة الجوع.. خرافة الندرة»؟
«تقديم المؤلفين لكتابهما» بدءاً من فكرته، ودوافعهما لجمع كل ما يتعلق بموضوعه الأساسي تحت «صناعة الجوع .. خرافة الندرة» التي تسببت في«أزمة الأمن الغذائي العالمية» الحالية لدول وشعوب العالم الثالث. يقول المؤلفان: «ندرة الأرض والغذاء ليست هي السبب الحقيقي للجوع لأن العالم به ما يكفي من الغذاء لكل فرد خاصة في البلدان التي يجوع فيها الناس، وأن عوائق الإنتاج ليست فيزيائية بل اجتماعية»، وأن حل الجوع والندرة: «ليس في تحديد النسل وتقليله»، بل هو كامن في «إعادة بناء النظام الاجتماعي ليزود كل الناس بالضمان المادي الأساسي»، وإن النمو السكاني ليس هو ما يهدد بتدمير البيئة ونقصان الموارد، وإنما الذي يفعل ذلك هو النظام الذي يشجع استخدام موارد إنتاج الغذاء طبقاً لمعايير ضيقة للبحث عن الربح»! ويضيفان: «إن مشكلات الإنتاج في الدول النامية، هي من التركة التي خلفها النظام الاستعماري الذي سعى لوجود ما تسمى «الندرة في الموارد الطبيعية»، ليمنعنا من أن نهتدي إلى أن حل الأزمة الغذائية يكمن في التركيز على الإنتاج، لأن ذلك يستوعب الأعداد المتزايدة من البشر».
ومن أكثر الخرافات الغذائية ظلماً لدولنا
يقول المؤلفان: «إن من أكثر الخرافات الغذائية ظلماً، تلك التي تقول إن البلدان المتخلفة لا يمكنها أن تزرع سوى «محاصيل مدارية» وفي الحقيقة بإمكان هذه البلدان أن تزرع مجموعة كثيرة التنوع من المحاصيل، لأن التركيز على عدد محدود من المحاصيل يخلق حالة من ضعف البنية الاقتصادية التي تتميز بها البلدان المتخلفة، وضعف البنية هذا يعني عدم القدرة على السيطرة على مصيرها، والحقيقة ايضاً هي أن المزارعين يكدحون في الزراعة، ولكن هذه الحقيقة لا تعني أنهم هم الذين يأكلون ما زرعوا، فإنتاجهم يذهب بالأحرى إلى «سوبر ماركت عالمي لا يستطيع أي شخص بلا نقود أن يقف في طابور الدفع فيه»، وأن الشركات الزراعية تتحدث عن إنتاج الغذاء في البلدان المتخلفة، ولكنها لا تتحدث عن الأغذية الأساسية التي يحتاجها الجياع، مثل الفول والذرة، والأرز، وإنما تشير إلى محاصيل الترفية، مثل المانجو والأناناس، وحتى الزهور. وعن ظلم وجشع تلك الشركات تطرق المؤلفان إلى الفضائح المتصلة ب «لبن الأطفال»وكيف أن تلك الشركات الزراعية تسهم في سوء التغذية لدى الأطفال»!
دول العالم الثالث في أسر فخ شروط البنك الدولى المجحفة
ويرى المؤلفان: «أن أي دارس جاد لسياسات المعونة الأمريكية لا يمكنه أن يتهم الولايات المتحدة بأنها طيبة القلب، فالمعونة الخارجية شديدة الانتقاء بالفعل وتذهب لخدمة المصالح السياسية والاقتصادية الضيقة لمجموعات معينة من الدول المختلفة، وإن العديد من البلدان المتخلفة هي مصدرة للغذاء خصوصاً الأغذية عالية البروتين، وبناءً على مقولة «الرعب القاتل» يجب توزيع الغذاء بحرص لضمان بقاء أنفسنا، لفتح باب فخ الديون، وهجوم البنك الدولي على الفقراء لتتناول سياساته الفقراء كمستهدفين».
حجم استهلاكهم للأغذية من أسباب جوعنا
يقول المؤلفان: «إن محاولات حسن النية لحفز العمل الجماهيري نقلت أزمة الغذاء العالمية من الساحة السياسية/ الاقتصادية إلى «أرضية الأخلاف الفردية»، وبلا كلل تجري تجربة مقارنة استهلاكنا ن بالحرمان في الأماكن الأخرى، والرسالة هي أن استهلاكنا نحن سبب معاناتهم هم، عنئذٍ نحس ببعض الخجل، شاعرين بأن إسرافنا لا بد أن يعكس إخفاقنا أخلاقياً، فنجد أنفسنا في مواجهة شعور بالذنب، الذنب لمجرد كوننا من القلة المحظوظة»!
قارب النجاة لا يتسع لبشر أكثر ممن يستحقون الحياة
ويقولان: «ظهرت إجابة مغرية عن «أخلاقيات قارب النجاة» وهى الفكرة البسيطة التي نشرها العالم «جاريت هاردن» والقائلة: «إن الأرض تشكل قارب نجاة ليس فيه من الطعام ما يكفي الجميع، أليس من المنطقي ان يذهب الطعام إلى من يتمتعون بأكبر فرصة للنجاة؟ ألا نخاطر بسلامة بإحضار ركاب جدد؟ ويطرح هذا العالم على نفسه سؤالاً افتراضياً: ماذا يحدث إذا أقتسمت المساحة في قارب النجاة؟ ويجيب هو على سؤاله: «يغطس القارب، ويغرق الجميع، فالعدالة المطلقة تعني الكارثة المطلقة.. إن الأخلاق اليهودية المسيحية قد مضى عهدها في هذه الحقبة الجديدة من الندرة، وإن التعاطف ترف لم نعد نستطيعه، وإن نزعة فعل الخير اليهودية المسيحية هي الجذر الحقيقي لأزمة العالم الراهن»!
أكتفي بهذا من قراءتي للكتاب الذي آمل أن أجد متسعاً من الوقت لاستعرضه كاملاً، فهو كتاب يستحق أن يقرأه كل من له اهتمام ب «أزمة الغذاء العالمية»، وإسرار دور السياسات الأمريكية والأوروبية المتعلقة أساساً بمنع دول العالم الثالث من أن تنتج ما يكفيها من الغذاء، لأن القليل الذي تنتجه دول العالم الثالث يذهب لتلك الدول الجشعة!
اسم الكتاب: صناعة الجوع «خرافة الندرة».
المؤلف: فرانسيس مورالييه جوزيف كولينز
ترجمة: أحمد حسان.
الطبعة: الأولى.
تاريخ الإصدار: أبريل 1983م.
عدد الصفحات: «378».
الناشر: سلسلة عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت
- محتوى الكتاب
الفصل الأول: بشر أكثر مما يجب، وأرض أقل مما يجب؟
الفصل الثاني: هل البشر عقبة أم مورد؟
الفصل الثالث: تحديد النسل وتحديد الثروة
الفصل الرابع: ضغط السكان على البيئة
الفصل الخامس: رعب الأسعار
الفصل السادس: الغذاء في مقابل ترويج السموم
الفصل السابع: المجاعات والتاريخ
الفصل الثامن: الجفاف في الساحل الإفريقي
الفصل التاسع: لماذا لا تستطيع الأمم إطعام نفسها
الفصل العاشر: ميراث الاستعمار
الفصل الحادى عشر: التركيز الضيق على المزيد من إنتاج الغذاء
الفصل الثاني عشر: نتائج الثورة الخضراء
الفصل الثالث عشر: تقويض أمن العالم الغذائي
الفصل الرابع عشر: ميكنة الزراعة
الفصل الخامس عشر: إنتاجية المزارع الكبيرة والصغيرة
الفصل السادس عشر: هل الإصلاح الزراعي ضد الإنتاج؟
الفصل السابع عشر: القيام بما يأتي طبيعياً
الفصل الثامن عشر: الخاسرون
الفصل التاسع عشر: الرابحون
الفصل العشرون: تغيير اللعبة
الفصل الحادي والعشرون: العم سام السخي
الفصل الثاني والعشرون: السعي الأمريكي إلى القوة الغذائية
الفصل الثالث والعشرون: شركات الغذاء المتعددة الجنسيات وإطعام الجياع
الفصل الرابع والعشرون: تغيير الوجبات التقليدية
الفصل الخامس والعشرون: فضيحة غذاء الأطفال
الفصل السادس والعشرون: ثالوث المعونة
الفصل السابع والعشرون: فخ الديون
الفصل الثامن والعشرون: هجوم البنك الدولي على الفقر
الفصل التاسع والعشرون: قيمة المعونة الغذائية
- ملخص الكتاب
يناقش في الفصل الأول خطأ الفكرة المنتشرة بعدم قدرة الأرض على الوفاء بحاجة البشر بل يؤكد أن الإنتاج قادر على توفير الغذاء للجميع وأن الخلل ناتج عن سيطرة غير عادلة تؤدي إلى إيقاف تطور الإنتاج الزراعي. وقد أشار إلى نقطة هامة أن الجوع ينتشر أكثر في المناطق التي تتحكم بها قلة في المساحات المزروعة وطبقا لإحصائيات أشار لها أكد أن إنتاجية المساحات الواسعة الاستثمارية أقل من أقل إنتاج لأرض صغيرة تستخدم لإطعام صاحبها. كما أكد أن معظم الثروة التي يتم الحصول عليها من الزراعة الاستثمارية لا تعود للاستثمار الزراعي بل تسحب لأغراض ترفيهية أو استهلاكية.
كما يشير إلى إحدى الإحصائيات أن في عام 73 قامت 36 دولة من بين أفقر 40 دولة متضررة من تضخم أسعار الغذاء بتوريد سلع غذائية للولايات المتحدة، أي أن تعظيم الربح مقدم على تحقيق اكتفاء للمجتمع من الطعام أو تقليل حدة التضخم في أسعار الغذاء على الأقل.
ويشير إلى نموذج آخر في بنجلاديش حيث ينهار سعر الأرز في وقت الحصاد بفعل «كبار رجال السوق» وهو المحصول الرئيسي هناك فيضطر الفلاحون لبيع كميات كبيرة ليسددوا ديونهم الربوية ولا يبقى لهم الكثير ليأكلونه، واستغلال الأراضي لزراعات التصدير ظاهرة منتشرة في كل البلدان الفقيرة غذائيا والفاسدة بالتوأمة كما أشار إلى ذلك في الفصل الرابع. ويشير الكاتب إلى صورة أخرى من الاستغلال في الثروة السمكية في بنجلاديش حيث كل المصادر تحت سيطرة قلة تتحكم في الإنتاج والأسعار وتحرم الشعب من واحدة من أكبر الثروات السمكية في العالم.
ويتحدث في الفصل الخامس عن استراتيجيات صناعة الندرة للحفاظ على الأسعار وضرب مثلا بما فعلته أمريكا في بداية سبعينيات القرن السابق بالتخفيض الحاد في إنتاج القمح للحفاظ على أسعاره وهذه أحد أدوات صناعة الجوع. ويستمر الكاتب في عرض الكوارث الصانعة للجوع فيشير إلى التأثيرات المدمرة لاستخدام المواد الكيماوية في الزراعة وأنها أحد أدوات انتزاع الأرض باستخدام الديون المتراكمة من الفلاحين.
ويطرح الكاتب سؤالا في الفصل التاسع عن سبب عدم قدرة الأمم على إطعام نفسها وأشار إلى أن التراث الاستعماري واحدا من أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك، فقد أدى التطور الطبيعي في كل المجتمعات «البدائية» من وجهة نظر المستعمر إلى الوصول لمستوى مثالي من استغلال الأرض والموارد، ولكن المستعمر المتطور أعاد بنية النظام لا ليحسن الإنتاج «طبقا لما يدعي» بل لتضخيم الثروة لصالحه وليحترق العالم. فكما قال جون ستيوارت ميل «طبقا للكتاب» أن المستعمرات هي مجرد فرع من النظام الزراعي للمركز المستعمر.
والتشوه الكبير الذي قامت به القوى الاستعمارية في تغيير الخرائط الزراعية بالدول المحتلة لا تزال تأثيراته السلبية مستمرة حتى الآن وأدت إلى وجود حالة من الخلل الدائم خاصة مع بقاء أذيال الاستعمار في مفاصل السلطة والثروة في الكثير من المجتمعات مما حافظ على التشوه حتى الآن دافعا إلى المزيد من الجوع. ويؤكد الكاتب ذلك في الفصل العاشر حيث يشير أن هياكل الإنتاج والتجارة أصبحت مبنية لخدمة التصدير وضد مصلحة الشعوب.
ويؤكد الكاتب في الفصل الحادي عشر أن إنتاجية المزارع الصغيرة والمتناهية الصغر أكبر وأوفر من الضياع الكبيرة التي تنشأ بهدف الاستثمار ويشير إلى أن غياب دعم المساحات الصغيرة والبالغة الصغر ليس بالأمر الجيد، وهذا يؤكد أن فكرة دعم تعظيم الثروة وليس دعم إنهاء الجوع هو الهدف من كل منظومات الدعم في غالبية النظم، ولذلك يشير الكاتب إلى أن الأزمة الرئيسية ليست في زيادة إنتاج الطعام ولكنها في غياب العدالة والقيم.
يناقش الكاتب أيضا الميكنة الزراعية وهل تصنع قيمة مضافة؟ ربما صحيح بالنسبة لصاحب رأس المال ولكن ما هو تأثيرها على العمال المعدمين؟ فاستخدام الميكنة الزراعية تقلل الاحتياج للعمال إلى الخمس مع ملاحظة أن تأثيرها على زيادة الإنتاج لا يكاد يذكر، الكتاب ليس ضد الميكنة فهو يقول: «من العبث أن يكون المرء محطم آلات بدائي»، ولكن يبدو أنه يعني أن استخدامها في البلدان كثيفة العمالة ينبغي أن يكون بحذر أكثر وخاصة في ظل محدودية الأرض المتاحة.
والآن هناك خمس شركات أمريكية وأوروبية تسيطر على اراضي زراعيه في جميع أنحاء العالم
ما هو رد فعلك؟






