كتاب لأنك الله الجزء الثاني - علي جابر الفيفي

إن سماعك لصوت البلبل في الصباح الباكر رحمة منه، فقد علم أنّ ذلك الصوت الجميل سينسيك كآبة البارحة، فجعل البلبل يغرّد عند نافذتك، وأنت تظنها الصدفة! وهي رحمته
ولا تكِلُّ من تأمُّل حكمتِه إلا وتأتي رحمته وقدرته وعظمته.. وإن ظهرت مع الفقير حكمته، فهي كذلك مع المريض، والمكروب، والمحتاج.. فلا تظنّ بالحكيم تخلّف حكمته، ولا بالرحيم قصور رحمته
إن الأقل من أعمالنا وتجاوزاتنا هو ما يهذبه الله بالعقوبة! أما الأكثر والأوفر فيطفئه برحمته وحلمه وعفوه.. لأنّه العليم الحليم! والغفور الرحيم! أليس سبحانه القائل: ﴿وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ ؟
إنه من صنف الكتب اللطيفة، عظيمة الأثر في النفس. وإنه ليس غنياً معلوماتياً، ولا يهدف، بل هو معني بتذكير نفوس نسيت، واستجلاب عزائم ذهبت، واستبقاء أرواح كادت أن لا تكون. وأرى أنه (بفضل الله)، كما في كتابه الأول نجح ووفق لما أراد.
الكتاب تحدث بألق مستفيذ عن أحد عشر اسماً من أسماء الله الحسنى. وتحت كل اسمٍ إضاءات وإضافات من الكاتب عن الاسم ومعناه، وأين يرى، وقصص تمثل بروعة اسمه في حياة الناس كل يوم.
بالتأكيد لا إعتراض على ما يحمل كل أسم من سمو و جلال لوجهه الكريم و لكن الاعتراض كل الاعتراض على الكثير مما جاء في الأمثلة التوضيحية المذكورة و لنأخذ مثلا تسمية البيوت التي تحوي على السيدات و السادة من كبار السن بدار العجزة بأسلوب مهين و غير مهذب فنعت كبير السن بالعجز في غير محله إذ انها حالة لا يُشترط ان تكنْ ملاصقة لكبار السن و هي تجاوز و عنصرية بحتة ، هذا على أساس أن الموت لا يعرف سواهم لذا فالموت رحمة لأننا نتخلص منهم ،لقد استفزني هذا الأمر بشدة و ذكرني بالقانون الجائر الذي حدث في العراق في ٢٠١٩عندما تم إحالة كبار السن الى التقاعد قبل وقتهم بحجة منح فرص للشباب و ما رافق ذلك من فرحة الشباب الحمقى بهكذا قانون !
إما أوجه اعتراضي الأخرى على الكتاب فهو استحسانه لشخصيات مثل سليمان بن عبد الملك الذي أجاز لنفسه منع النساء ان تورث معاندا كتاب الله {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} ليسير على نهج الجاهلية كما فعل غيره بعد وفاة الرسول( عليه و على آله أفضل الصلاة ) و كذلك شخصية هارون الرشيد الذي أود أن أسأل كل من يمتدحه اليوم لو كان لنا حاكم مثله اليوم ألن يكتب كل دقيقة في مواقع التواصل الاجتماعي عن اسرافه و سرقته لاموال الشعب ؟!
و المجيء بالموت كمثال للعقاب في صفحات الكتاب يوردني العجب إذ كيف لنا ان نعتبر الموت تلك الكأس التي سنتجرعها كُلنا يوما بمثابة العقاب من الله ! لماذا نعتبر ما يحُل بنا البلاء و بغيرنا الجزاء ؟!
إما الأسوأ في هذا الكتاب فهو اتهام رسول الله ( عليه و على آله الأطهار أفضل الصلاة ) بالنسيان و ان الصحابة تذكره ما جاء في كتاب الله ليسُلب بذلك العصمة التي حباه الله بها بحجة ان الرسول بشر و البشر تُخطئ و لا توجد عصمة و من يتصور وجودها فهو مشرك لان لا احد معصوم و الحجة في ذلك أن نبينا مثله مثل سائر الأنبياء و قد بين القرآن الكريم أن آدم ( عليه السلام ) نسى و كذا الحال بيوسف ( عليه السلام ) و غيرهما.. و لنتوقف قليلا هنا فلا يجوز الأخذ بالمتشابه بل العودة للمحكم فالأول آدم ( عليه السلام ) لم ينسى بمعنى النسيان بل الترك و هو مؤكد ليس من أولو العزم لانه أول مكلف في الأرض إما الثاني يوسف ( عليه السلام ) فلم يكنْ هو من نسى بل ان النسيان كان من نصيب الذي طلب منه أن يذكره عند الملك ...
لذا فإن هذا الكتاب من وجهة نظري كلمة حق يراد بها باطل
لا تدركه الأبصار، ولا تدركه العلوم ولا تحيط بصفاته وأسمائه.. ولا نستطيع أن نحيط بكل ما علمناه عنه فضلاً عمّا خُفي
ولكننا بأشد ما نملك من قدرة مع هذا العقل القاصر أمام جلالته، هذا الضعف والهوان والجهل وعدم الإدراك، نحاول بكل ما فينا أن نحبه ونعرفه ونتقرب إليه بأسمائه وصفاته التي أخبرنا هو عنها وإلا لكنا في ضلال، توقيفية وإلا ما عرفنا يومًا من هوَ الله، أن نكون أقرب في الفهم لنتعبد على الوجه الصحيح ونشكر وندعو ونبتهل ونتيقن ونتوكل.. ودون التبحر في الأسماء والصفات لم نكن لنقترب.
كتب تربت على ظهرك وتقول لك
أنت لست وحدك ولست وحيدا في معاناتك, فكل البشرمثلك
وقبل هذا كله فلديك رب رحيم رؤوف ماخلقك ليترك هملا عبثا
..فعد إليه دوما وأبدا فهو وحده لا شريك له سيكفيك
ما هو رد فعلك؟






