المجموعة القصصية (لحن الدودوك)

لحن الدودوك هي المجموعة القصصية الجديدة للدكتورة / منال عيسى والمتخصصة فى الأدب والدراما والحضارة الإنجليزية وسوف تشارك بهذا العمل الجديد وللعام الثالث علي التوالى فى معرض القاهرة الدولى القادم للكتاب / يناير 2023. تتناول المجموعة عشرة قصص قصيرة من منظور الألحان والنغمات - كما يشير العنوان - حيث تجسد كل شخصية رئيسية نمط مميز يختلف عن الآخر تماما كما تختلف أنماط الشخصيات في عالمنا الحقيقي. فقد خُلق كل منا كالنغمة – حزينة ومرحة، بائسة وطموحة، نهمة وراضية، تائهة ومطمئنة، ساخطة ومحبة .... الحكاية الأولي، لحن الدودوك، التى تحمل عنوان المجموعة ككل، تتناول قضية المهاجر الأرميني الذى أبعد عن أرضه بعد مذابح الأتراك فى ثلاثينيات القرن الماضي. ومن خلال الشخصية الرئيسية تُلقى الكاتبة الضوء على أرمن مصر الذين تركوا بصمات لا تُنُسى فى الوطن البديل كما ذابوا في مصر عشقا عندما فتحت لهم مصر أبوابها دون السماح بسطوة أو هيمنة الأجنبى. وأثناء السرد، رسمت الكاتبة بالكلمات صورة لجمال العاصمة الأرمينية تماما كما إعتادت الشخصية أن تستعيدها فى ذاكرتها..وفي حكاية المزاد وكما عزف فريد على لحنه مزعنا لشهوة الإقتناء ردت على نغماته رسالة صديقه راضى السامية الهادفة إلي إحياء تراث بلاده. وبذلك تصور الحكاية الشخصية الإقتنائية التى تعانى من إضطراب الإكتناز او التخزين القهرى والتى تعود إلى طفولة غير سوية جنبا إلى جنب مع شخصية الصديق القدوة المرجعية للأجيال الأصغر. في ابو البنات يتجسد الصراع الطبقي بين الشخصيات من خلال أناس لا تقبل النزول من البرج العالى العاجى وأخرى تطمح الى صعود السلم الإجتماعي للترقية المجتمعية.. أما في الأفوكاتو ، فقد تاه عبد الوارث فى خضم الحياة، وتاهت نغمته إلى الأبد، حيث أمكن للقارئ أن يستعيد من خلاله شخصية البطل التراجيدى الذى إنساق إلى مصيره المحتوم بسبب خطأ ما في شخصيته طغى علي باقي صفاته البطولية الأخرى.. وفي الوشوش الخشب ، ورغم معاناة نسمة وأسرتها من داء العقوق، فقد لقنت طلابها بالجامعة فيما بعد دروسا في الفلسفة الأخلاقية تصالحا مع النفس وإنتصارا للضمير في محاولة لتحطيم الوشوش الخشبية وحث طلابها علي البحث المتأنى فى بعض المفاهيم الفكرية والفلسفية لسقراط ونيتشة وكانط. قصة الولى، تجسد صورة الفنان الحقيقي الذى ترك بفنه إرثا لا ينضب يتناقله الأحفاد حين أنصتوا للحواديت المروية من الأب عن جدهم حيث إتحدت في شخصيته خصال المبدع والذاهد فى محراب فنه مع الرياضي العالمى المنزه عن صغائر الحياة ليستحق بجدارة - من فرط هذا الذهد والتنزه - لقب ..الولى. وقد برهنت الشخصية الرئيسية في قصة (أسماء) على قدرة الأجيال لتناقل رسائل العطاء عبر عقود من خلال نموذج مثالي للمرأة المصرية حين تجمع بين الريادة في العلم والعمل العام .. لكن في النهاية ظلت نغمة عم طارق.. الشهيد ..نغمة قصيرة بسيطة متواضعة تسبح فى ملكوت ربها ساعية للخلود فى عالم أكثر حنانا وإحتواءا من عالمه المادى الفانى. فى الختام، تمثل الألحان فى المجموعة القصصية أنماط بشر تؤثر فى محيطها الإجتماعي وتتأثر به. وقد عزف الجميع - من عازفى الفرقة الموسيقية - على أوتار متنوعة لتتحد النغمات المتنافرة سويا وليتمكن المستمع للحن من الإصغاء إلى ترانيم سيمفونية كُونت من الموزايك اللحنى العذب صانعة بذلك..لحن الحياة.