مراجعة رواية وادي الذئاب المنسية..
الكاتب: عمرو عبد الحميد
دار النشر: عصير الكتب
عدد الصفحات: ٢٩٤
عام النشر: ٢٠٢٣ في المعرض الموازي لعصير الكتب.
تبدأ الرواية في عام ١٩٢١ على قرية البهو فريك حيث شب حريق هائل في الأراضي الزراعية بالقرية وبسببه نشب شجار أدى إلى مقتل ٩ افراد من أبناء القرية وأصبح الوضع خارج السيطرة مما جعل الحكومة تستدعي فرقة من الهجانة من ذوي البشرة السمراء بجمالهم وبنادقهم وسياطهم للسيطرة على الوضع وبالفعل يفرض الهجانة حظر تجوال على القرية وتنال سياطهم اي ممن يخالف الحظر والبنادق لا تكف عن إطلاق النيران كنوع من التهديد، فلا يستطيع أحد أن يخرج من منزله مع دخول وقت الغروب ..
يفاجئ أهل القرية في اليوم التالى بإختفاء فرقة الهجانة بأكملها ولا يوجد لهم أي أثر!
ثم ينتقل المشهد إلى الشاب موسى الذي الذي قتله فضوله في ظلام الليل للخروج إلى الطاحونة المجهورة في الأراضي الزراعية ليرى من فتحة الطاحون التي في الجدار شيء يصيبه بالفزع، فيسقط شبه مغشيا عليه وهو يسمع صوت حيوان مخيف لا يستطيع تمييزه ويستشعر اقترابه منه وهو ساقط على الأرض لا يتحرك .
والان لنأتي لنقد الرواية:-
مقدمة الرواية كما ترون مشوقة للغاية وتجذبك لتكمل الرواية لتعلم ما الذي حدث للهجانه وجعلهم يختفوا بلا أثر؟ وماذا شاهد موسى أفقده الوعي؟ وبالطبع سوف تتساءل هل صوت الحيوان كان لذئب؟
-السرد
سرد الرواية بأحداثها وشخصياتها ووصفها كانت مشوقة للغاية وممتعة ومليئة بالاحداث الدسمة التي لا تترك لك لحظة للملل من البداية للنهاية، بإستثناء ذلك الجزء الذي كان يصف به تشريح القلب ومكوناته ومحاولاته لعلاج القلب وذكر به تفاصيل طبية أرى أنها لا تُهم القارئ العادي.
حبكة الرواية كانت متقنه ورائعه وجميلة والوصف دقيق و واضح .
نقد الرواية:-
-الفكرة
فكرة الرواية أرى أنها ليست جديدة سواء الذئاب أو حتى الملديين الذين هم رغم التغييرات الذين وصفهم بها إلا أن التشابه بينهم وبين المستئذبين واضح من حيث صفاتهم في السمع والشم والتواصل مع الذئاب ولكن الكاتب صنع تغيرات كثيرة جعلتها تبدو جديدة وربط الأحداث ببعضها بإتقان شديد واحداث دسمة وتغيرات مستمرة لا تتوقف للحظة واحدة طول الرواية حتى شعرت وانا اقرأ الرواية أنني اشاهد فيلم اجنبي مشوق.
-ولكن شعرت أحيانا أخرى وانا اقرأ بعض الأجزاء انني أقرا رواية قواعد جارتين مرة أخرى، وخاصة للتشابة الشديد في الأحداث.
*في قواعد جارتين النسالى كانت أرواحهم تحمل أرواح الزائرين وتخضع لكبيرهم الذي يستطيع أن يستثيريهم في أي لحظة غضب منه..
*وفي وادي الذئاب المنسية فالذئاب والملديين فلهم أيضا الذئب الصامون ومصيريهم مربوط به وبخروجه.
*في قواعد جارتين ثارت روح النسلي الزائر القائد في لحظة اعدام غفران ووقوفها على المنصة.
*وفي وادي الذئاب المنسية ظهر الشاهد وثارت الذئاب في لحظة اعدام نوح على المنصة.
*حالة الهرج والمرج التي تعم البلاد ونفس الخطر الذي يقترب ليفتك بهم والانتقام للثأر القديم، كلها جعلتني أشعر انني أقرا رواية قواعد جارتين للمرة الثالثة لأنني قرأت قواعد جارتين مرتين.
نهاية الرواية:-
للأسف كانت مستهلكه واستخدمت في أعمال كثيرة من قبل ولكن هذه ليست نقطة سأقف عندها وانما سأقف طويلا في الثغرات الموجوده بعد استخدام هذه النهاية والتي تطرح تساؤلات مثل:-
-كيف تذكر نوح ناي؟
-كيف تذكرت مروة خالد وجاءت لزيارته؟
-كيف للملك تميم وجيشه التواجد وقت اختفاء المخلوقات وعودة كل شيء لما كان عليه؟
وخاصة أن الكاتب أكد أن كل شيء عاد كما كان ويظهر هذا التأكيد في تلاشي ذاكرة منى زوجته خالد وابنه يامن وتلاشي ذاكرة ناي أيضا!
شيء آخر أجده في روايات عمرو عبد الحميد وهو عند الدخول في القصة الخيالية فهو ليس مقيد بإستخدام ثقافته الشرقيه لانه عالم خيالي ولكن لماذا يظهر في هذا العالم الخيالي لمحة واضحة من الثقافة الغربية؟
فأجد في رواية ارض زيكولا الجزء الاول أن آسيل تقبل خالد لاعطاءه وحدات الذكاء ثم خالد يقبل آسيل في الجزء الثاني لإعادة وحدات الذكاء لها، وهنا تقليد واضح لقصة سنو وايت عندما يقبلها البطل فتستيقظ وتعود للحياة وفكرة التقبيل توجد أيضا في قواعد جارتين حيث يقبل نديم غفران على غفلة منها وتظهر الصدقات بين الرجال والنساء قوية سواء عاطفية أو صداقة من أي نوع!
ويصبح الأمر مزعج قليلا لي عندما أجده في فتاة اللياقة الزرقاء يتحدث عن عالمنا بعد فترة من الزمن وتظهر الصداقة أيضا واضحه بين الشباب والبنات!
لا أفرض وجة نظري على اي كاتب أو قارئ ولكن لكل كاتب ثقافة تميزه غير غيره من البشر وهذه الثقافة تظهر في تصرفاته ومواهبه وحتى كتاباته وستجد انك لو قرأت رواية لكاتب غربي ومن دون أن تعرف اسمه وأنه غربي الثقافة تستطيع أن تكتشف ثقافته بسهوله لأنها ستظهر في الرواية وتفاصيلها وثناياها حتى ولو كانت خيالية تماما، فلماذا الانسلاخ إذن الذي أراه من بعض الروائيين عند كتابة روايتهم؟
لماذا اترك ثقافتي واتبنى ثقافة اخرى وخاصة لو كانت الثقافة الأخرى مضرة لي ولمجتمعي؟
اذا كنت سأضطر لأن استخدم وأظهر ثقافة ما في روايتي فالأفضل أن أستخدم ثقافتي على الأقل الجزء الجيد منها وإذا اضطررت أن أستخدم ثقاف أخرى فأختار منها ما يناسبني واترك العكس.
وهناك أقلام مصرية وشرقية وتكتب في الخيال وفي كل الانواع ولكنها تراعي الثقافة والأخلاق وما يتناسب مع مجتمعاتنا ويزرع الأخلاق الحسنة في نفوس شبابنا.
في النهاية ومما لا شك فيه أن الكاتب عمرو عبد الحميد من اجمل اقلام الخيال في عالمنا وقد قرأت كل أعماله واستمتعت بها وانتظر عمله القادم بفارغ الصبر..