مقال تحليلي لرواية “اسمه أحمد” لكاتبها “أيمن العتوم”.

قبل البدء في تحليل العمل أود التنويه إلى أني أكتب هذا المقال فقط بناءً على كلمة واحدة موجودة على غلاف العمل، ألا وإنها “رواية”، إذًا فما سيرِد في هذه المقالة هو أبعد ما يكون عن رأيي في بطلها أو فيما فعل، وإنما هو تحليل للعمل نفسه من منطلق نوعه كرواية.
رواية “اسمه أحمد” هي رواية من أدب السجون، ولا أدري إن كان منصفًا ما يُقال أن قضية الرواية هي سبب شهرة العتوم! فقلم كقلم هذا الرجل ليس بحاجة لقضية تُشهِره.
تبلورت أحداث الرواية حول قضية اشتهرت في عام (١٩٩٧) وعرفت بحادثة الباقورة، تلك التي تقع بين الحدود الأردنية والإسرائيلية. وهي قضية الجندي الأردني السابق أحمد الدقامسة الذي أقبل على قتل سبع فتيات إسرائيليات لكونهن أثاروا استفزازه باستهزائهن به بينما يصلي، وألقوا عليه القاذورات كذلك، فما كان منه إلا أن طاح فيهم قتلًا.. وليكن في الحسبان أن القتل كان خطته من البداية، وأعني بالبداية هنا هو حلم العمر الذي عاش أحمد الدقامسة على أمل تحقيقه، وكان يستغل كل فرصة سانحة من أجل أن ينتقم من مغتصبي وطنه وأرضه، إلى أن سنحت له الفرصة بعد أعوام وأعوام.
دار التساؤل الأصعب بعد مقتل اليهوديات: هل أحمد يُعَدُّ بطلًا أم مجرمًا؟ وإجابة هكذا سؤال عندي هي أبعد ما يكون عن مقال يحلل عملًا. لكني لن أستثني من القول أن طيحته هاته أتت عن سبق إصرار وترصد. حوكم الدقمسي على جريمته بالسجن لعشرين سنة، عمرًا قضاه بين القضبان يرى من العذاب ما لا يخطر على بال، ويشرب من المهانة ما لا يرد على عقل، والأمَرُّ من هذا أن ما حدث له وفيه كان على يد سلطات هم أبناء الوطن ذاته، لكن شغلهم الشاغل هو تنفيذ الأوامر من أجل الأوامر وفقط. وبقي على حاله إلى أن قضى عقوبته وخرج من السجن عام (٢٠١٧).
“اسمه أحمد”
كما عادة الكاتب أن يستخلص عناوين أعماله من القرآن الكريم، فقد أتى اسم الرواية حاملًا اسم بطلها، ولو أني أراها سيرة شخصية لأحمد الدقمسي أكثر من رواية!
أجاد الكاتب استخدام لغة قوية في بناء عمل حدثه بتلك القوة، ولو أني لا أدري سبب تسرب اللهجة الأردنية في مواضع ما حبذتها فيها، ربما في حديث أمه أو زوجته أو ابنه كانت لتقريب الحدث وإثارة النفس بما قيل ويُقال.. لكن مع الضباط أو المسجونين وخلافهم فقد صبغت على العمل فكرة أن الكاتب كان الدقمسي نفسه لا العتوم، أو أن ما كتبه أحمد الدقمسي في سيرته قد نُقِل نقلًا إلى رواية من المفترض أنها بقلم العتوم…
تنقسم أحداث الرواية بين نشأة الدقامسة نشأة وطنية، ودور أمه في تنشئته وكذلك أبيه، ثم انتقلت لطفولة امتلأت بكره الصهاينة، مرورًا بفترة تجنيده في الجيش مما يسر له اتخاذ قرار بتحقيق حلم الطفولة وتنفيذه، وأخيرًا سجنه لعشرين سنة. سحبني العتوم لحياة لم أعِشها أو أعاصرها وجعلني أراها حية أمامي، وانتقاله بين الفترات لم يُشكل حدوث توقف مفاجئ، بل إن لكل شيء مقداره، ولو أن بعض المشاهد التي تكررت جعلتني أمررها بشبه ملل، لكنه كان يجيد محو هذا الملل سريعًا بالانتقال إلى جزء أكثر أهمية في حياة الدقامسة.
أجاد الكاتب وصف شخصيات عمله الروائي، فقد أبرز وصف شخصية الدقامسة في حالات الضعف والقوة، الخوف والتماسك، وغيرهم… وأوضح كذلك بدقة وصف الضباط وغيرهم ممن تعامل معهم الدقامسة.. كان وصفه كافيًا لأن يُضفي انطباعًا خاصًا لكل واحد عند القارئ دون تداخل بين الشخصيات.
أتت النهاية بوصف من الدقامسة الذي كان يسير في الطرقات ينتظر طائرة من عليين أن تُغير عليه انتقامًا من اليهود لقتلاهم، وكما قال أن هذه ميتة العظماء! لم تكن مُرضية لي كقارئة لرواية وإن كانت أحداثها من وحي خيال الكاتب، بل أثارت حفيظتي وإن كنت في مواضع كثيرة من حياة الدقامسة مِلت ميلان المتشفين في اليهود والمؤيدين للدقمسي.. لكن النهاية ألغت كل ميلان كان للبطل وأبقت على فكرتي وانطباعي الخاص من البداية فيما أقدم على فعله الدقمسي باسم الدين والوطن.
ما هو رد فعلك؟






