كتاب جواهر التدبر - أ.د.فؤاد البنا
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (المزمل ٥)
(يأتي ثقل القرآن نتيجة أن مبانيه قليلة ومعانيه أغزر من المطر وأينع من الثمر، حيث تكتنز مباني القرآن المحدودة معاني غير متناهيه، وتتكفل له بالجدَّة في كل زمان ومكان، وتمنحه الإمكانية لاستيعاب كل جديد ومعالجة كل طارئ، وتهبه القدرة على إصلاح كل مشكل وتقويم كل معوج.
ولهذا فإنه يحتاج إلى تكثيف الطاقات المتدبرة لمقاصده والمتفحصة لمعانيه، وذلك بإعمال كافة القدرات العقلية في اكتشاف كنوزه واستخراج كوامنه، وتفعيلها في استنباط جواهره واستكناه غوامضه)
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [ البقرة 155]
(كَأنَّ هذهِ الابْتلاءاتِ ضرُورِيَّة لِتَمْتِينِ عُرى الصَّبْرِ وتَفْتِيقِ مَلكاتِ الْخيرِ والْجَمالِ في الإِنْسَانِ، وكأَنَّ (مآتمَ) الْخَوفِ والجُوعِ ونَقْصِ الأمْوالِ والأَنْفُسِ والثَّمراتِ، (أرْحام) تَخرجُ منْها (أعْراس)ُ الطُّمأنِينة الحانية والأنفس الصّالحةِ، وتَنْسَلّ منها (أفْراحُ) الأمْوالِ المُباركَةِِ والثَّمَراتِ اليَانِعَة، ويَتصبّبُ منها الرِّزقُ الرَّغِدُ والأمْنُ السَّابِغ.
ولِهذا بَشَّـرَ الله الصَّابرينَ على الأَتـْراحِ بِمَوْلد الأفْراحِ، وبَشَّرَ القَابِضِينَ على الْجمْرِ بامْتلاء حياتِهم ببرْد العيش، وبَشَّرَ الصَّـابِرينَ على مَراراتِ المِحَنْ بِحلاوةِ المِنَح!
وبهذا يُصبحُ للْحياةِِ مذاقٌ مُمَيَّزٌ وطَعْمٌ حِلْوٌ، بِجَانِبِ الرَّصيدِ الأُخْرَوي الـْمَفتُوحِ للصَّـابِرينَ)
ما هو رد فعلك؟
أعجبني
0
لم يعجبنى
0
أحببته
0
أضحكني
0
أغضبني
0
أحزنني
0
واااو
0
